قتل الأزهار لا يؤخر الربيع | موقع بصائر GuidePedia

0




بن علي هرب، و"ملك ملوك أفريقيا" مختبئ وأحفاد عمر المختار في أعقابه "زنقة زنقة"، وعلي صالح فر هو الآخر بعدما أصيب بحروق بالغة في انفجار أودى بحياة عدد من أركان نظام حكمه، والمالكي أصبح في المنطقة الخضراء خائفا يترقب بعد انقضاء عدته واستعداد قوات الاحتلال للهروب الكبير، وسيق مبارك وأعوانه إلى قفص الاتهام زمرا، أما بشار وشبيحته فأمنوا مكر الله إلى درجة استباحة دماء الأطفال فضلا عن الرجال والنساء، وهدم بيوت الله ولو في شهر القرآن، فبشرهم بعاقبة السوء ولو بعد حين.


إن هذه "الابتلاءات" التي واجهها هؤلاء القادة، و"التضحيات" الجسيمة التي قدموها، والأرواح التي أزهقوها، كل ذلك يهون في سبيل الحفاظ على شيء واحد لا صبر لهم على فراقه، إنه الكرسي..!! فهم على استعداد لدفع أي ثمن ـ من أموال وأنفس الشعوب طبعا ـ مقابل البقاء في السلطة.


وقد ذكرتني استماتة هؤلاء في الذود عن حمى عروشهم بما أورده بعض المؤرخين المعاصرين عن محمد علي باشا إبان حكمه لمصر قبل نحو قرنين، عندما قال: "الولد يُعوَّض، والكرسي لا يعوض"، وملخص القصة أن مئات المصريين تمردوا على حكم الطاغية، فاقتحموا باحة قصره، فما كان منه إلا أن أمر جنده بإبادة الثوار جميعا، لكن أحد حراسه استوقفه قائلا: "إن المتمردين يحتجزون ولدك، وقد يقتلونه إن نحن هاجمناهم"، فغلب عشق الطاغية للسلطة على عاطفة الأبوة، ليقول قولته الشهيرة التي غدت على ما يبدو نبراسا لكل الطغاة من بعده.


إن ما لا يريد أن يفهمه الحكام المصابون بداء الاستبداد هو أن جورهم وطغيانهم له مآل واحد فقط، هو الخزي في الدنيا، وسوء المنقلب يوم الحسرة والندامة، والعجب كل العجب من عدم اعتبار هؤلاء الخلف بالنهاية المأساوية لقصص عشق سلفهم الطالح للكرسي، وكيف بهم وقد رأوا رأي العين عاقبة مكر مبارك وبن علي، وكيف أن الأول ساءته الأيام، فخانه رفقاء السلاح، وتنكر له أسياده الذين خدمهم وظاهرهم على عداوة المسلمين، فلما وقع به البأس أداروا له ظهورهم جميعا، ليتحول من فخامة القصور والفراش الوثير، إلى ضيق السجون وافتراش الحصير، وشاهده العالم أجمع كيف سيق هو وعصابته إلى المحاكمة مهطعين مقنعي رؤوسهم ترهقهم ذلة..؛ أما طاغية تونس فلن ينفعه الفرار، ولن يُمتَّع إلا قليلا.


فما بال طاغية سوريا يسرف في التقتيل؟ أيظن ذلك منجيه من السقوط؟ أم عنده من المكر أكثر مما عند صاحبَيْه؟؟ فالله أسرع مكراً.
ثم يحدثك عن الإصلاح!! آلآن وقد أوغلت عصاباته في دماء الأبرياء؟؟ أبعد أن راح يتعقب من نجوا من مذابح والده في حماة سنة 1982؟ أبعد أن استباح شبيحته دماء وأعراض النساء والأطفال في درعا وحمص وحماة ودير الزور والبوكمال وغيرها؟
وما بال أنصاره قد خرجوا يطبلون ويزمرون لنظامه الإجرامي، ويطوفون الشوارع حاملين "أطول علم"؟! ألا شاهت الوجوه..
وهل سيكفي لتكفين كل ضحايا بطشكم؟ أم يا ترى ستمسحون به دموع أمهات حمزة الخطيب، وهاجر الخطيب، وثامر الشرعي، وعشرات الأطفال في عمر الزهور الذين قضوا بنيران "الجيش العربي السوري"، ولم يشفع لهم أن كانوا حدثاء الأسنان من أن يمثل "حماة الديار" بأجسادهم الطاهرة البريئة؟؟


هكذا يستأسد نظام "المقاومة والممانعة" على شعب أعزل، وهو الذي لم يطلق رصاصة واحدة على عصابات يهود التي تصول وتجول بأرض الجولان..! لكنه حين قال للأحرار: "إما أن أستعبدكم أو أقتلكم" جاءه الرد الهادر: "الموت ولا المذلة".


أما مُهرِّج أفريقيا والشرق الأوسط فتباهى هو الآخر بقطعة قماش أخضر تمتد لأربع كيلومترات ونصف، حتى إن النساء الليبيات ـ على حد زعم ذاك المهرج في إحدى خطبه ـ قد بعن حليهن الذهبية ليشترين أكبر قدر من الثوب الأخضر، لتحقيق الإنجاز "العظيم"!: صناعة أطول علم في الدنيا، والسير به في شوارع طرابلس "زنقة زنقة".. حقا، شر البلية ما يضحك.


واليوم يفر صاحب الخيمة المتنقلة هاربا ممن وصفهم بالجرذان، وهو الذي توعدهم في بداية ثورتهم بتطهير ليبيا منهم. وتمر الأيام، فإذا بالذين طاردهم الطاغية بالأمس القريب "زنقة زنقة"، يطاردونه اليوم حفرة حفرة! ومن يدري؟! ربما تطالعنا نشرات الأخبار في الأيام المقبلة بنبأ العثور على "قائد ثورة الفاتح" مختبئا مع الجرذان الحقيقية في أحد مجاري الصرف الصحي، يتلو على مسامعها مقتطفات من كتابه الأخضر، علَّها تفهم من فلسفة "عميد القادة العرب" ما لم يفهمه بنو الإنسان!


لقد حاول المفسدون بقطفهم للأزهار أن يمنعوا حلول الربيع، لكنهم كانوا واهمين، وإن كل هذه المذابح المروعة التي اقترفها القذافي ومرتزقته، ويقترفها الأسد وشبيحته، ما هي إلا محاولات يائسة لكسر رغبة الشعوب المسلمة في نيل كرامتها، واستعادة ريادتها لأمم الأرض، وإن هذه الجرأة على الله تبارك وتعالى بسفك الدماء المعصومة في شهر يعتبره المسلمون موسما للرحمة والعفو والتكافل بين أفراد الأمة، لدليل دامغ على مدى الاستبداد والإجرام المتجذر في نفوس هؤلاء الظلمة، لكن هذا الطغيان كله لا يستغرب صدوره من بشار النصيري البعثي، ولا من معمر الاشتراكي، فكلاهما يكنان حقدا دفينا وبغضا شديدا للإسلام وأهله.


وبعد أن فر بن علي ذليلا خاسئا، وسجن مبارك مذموما مخذولا، هاهو القذافي يهرب صاغرا، فما أغنت عنه كتائب المرتزقة الذين استقدمهم من بلغاريا، وصربيا، وتشاد، والنيجر، ومعسكرات البوليساريو في الجزائر؛ فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أن فرق الله جمعهم، وجعل الدائرة عليهم.


فيا أهل الشام اصبروا وصابروا ورابطوا، فإنكم بأرض مباركة قد تكفل الله بأهلها، سيهزم البعث ويولون الدبر، وسيشرب الأسد وكل متجبر من كأس المرارة عينها التي شرب منها مبارك.. وعلى الباغي تدور الدوائر.







PostHeaderIcon توصيف دقيق وتحليل عميق لواقع الأمة اليوم!!

إرسال تعليق Blogger

 
Top