المشهد المصري ودلالات جمعة الشريعة | موقع بصائر GuidePedia

0






من جديد عاد الزخم الثوري الإسلامي إلى ميدان التحرير ليحمل رسالة قوية إلى قوى مصر السياسية على اختلاف توجهاتها- الإسلامي منها وغير الإسلامي- حيث دعت بعض الائتلافات الإسلامية الشبابية، وبعض الأحزاب الإسلامية إلى مليونية حاشدة يوم 2 نوفمبر؛ لنصرة الشريعة ردًا على تعنت القوى الليبرالية واستقوائها بالإعلام تحت عنوان مليونية تطبيق الشريعة، واعتراضا على وضع الشريعة الإسلامية في مسودة الدستور الحالية.





 وبسبب الاختلاف بين القوى الإسلامية بما فيها أكبر حزبين إسلاميين (النور والحرية والعدالة)، تم تأجيل موعد المليونية إلى جمعة 9 نوفمبر، غير أن المفاجأة تمثلت في إعلان حزبي النور والحرية والعدالة- الذراعين السياسيين للدعوة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين- أنهما لن يشاركا في هذه المليونية.





حيث أعلنت الدعوة السلفية في بيان لها أنها بدأت في تنظيم مؤتمرات حاشدة في كل المحافظات؛ دفاعًا عن الشريعة وبيانًا لوجوب مرجعيتها، وردًا على الشبهات المثارة حولها، وجاء في نهاية البيان أن الدعوة السلفية "تهيب بجميع القوى الإسلامية التي تقرر أي فعاليات أن تدعو إليها على أنها فاعلية خاصة بهم؛ إلا أن يتم الاتفاق على فاعلية جامعة حتى تخرج بالشكل اللائق"، وبناء عليه لم تشارك الدعوة السلفية وذراعها السياسي "حزب النور" في المليونية.





من جانبها قالت جماعة الإخوان المسلمين على لسان متحدثها الرسمي الدكتور محمود غزلان إنه تم التوافق في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور علي إضافة نص في الدستور يشرح معني عبارة "مبادئ الشريعة الإسلامية" وهذا النص تمت صياغته من قبل هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف وبالتالي فقد تحقق الهدف المطلوب ذكره في الدستور، وعليه أعلنت الجماعة عدم مشاركتها في المليونية، وتابعها حزبها في ذلك.





ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن المصيب والمخطأ في هذه المليونية، ولكننا بصدد تفسير أسباب نزول هذه القوى وأهم الدلالات التي تشير إليها، حيث رأي قطاع كبير من القوى الإسلامية أن مسودة الدستور بشكلها الحالي لا يرقى لطموحات شعب قام بثورة ضحى من أجلها خيرة أبناء مصر، خاصة في المواد الخاصة بالشريعة والحريات ووضع المؤسسة العسكرية.





 وتلخصت جملة الاعتراضات في الآتي:


- تمثل الاعتراض الأول في المادة الثانية حيث رأي المعترضون وجوب تغيير كلمة مبادئ إلى كلمة أحكام، أو حذفها كلية، بحيث يكون النص كالآتي: "الشريعة (أو أحكام الشريعة) الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع".





أما فيما يخص المادة التفسيرية التي اعتمد على وجودها الحرية والعدالة والنور في رفض النزول للمليونية، والتي تفسر المبادئ بالأدلة الكلية والقواعد الأصولية والفقهية ومصادرها من المذاهب المعتبرة عند أهل السنة والجماعة، فقد اعترض عليها البعض بسبب وجود شبهات قانونية حول مدى إلزامية هذه المادة.





- أما الاعتراض الثاني فكان على المادة 39 من مسودة الدستور وما بعدها والتي "تصون" حرية الاعتقاد و"تكفل" حرية الرأي والفكر، حيث رأي القيادي الإسلامي البارز الأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل أن "هذه المواد تمنع القوانين والقضاء ومجلس الشعب من التعرض لأي جهة صحفية" إذا ما أساءت بشكل أو آخر إلى العقيدة الإسلامية، كما اعتبر أن هذه المواد "تجعل العقيدة الإسلامية مستباحة".





- وجاء الاعتراض الثالث حول وضعية القوات المسلحة حيث يرى عدد من النشطاء أن الامتيازات التي منحت للقوات المسلحة في مسودة الدستور يجعل منها دولة داخل الدولة، وهو أمر مرفوض، ومن شأنه أن يعيد التسلط والديكتاتورية والحكم العسكري من جديد.





- كما طالب البعض بتعديل المادة التي تنص على منح السيادة للشعب، حيث بينت الجبهة السلفية أن السيادة- وهى حق التشريع والتحليل والتحريم- لله، مطالبة باستبدالها بـ"السلطة للشعب"، ومعناها حق الأمة في تولية نوابها ومسئوليها وعزلهم ومحاسبتهم وغيرها من معاني السلطة.


إلى غير ذلك من الاعتراضات التي يضيق المقام عن تفصيل القول فيها.





وأخيرا يمكننا تلخيص أهم الدلالات والمكاسب الناتجة عن نجاح جمعة الشريعة الثانية في الآتي:


- جاء نجاح هذه الجمعة ليمثل رسالة شديدة اللهجة إلى كل من جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية بحزبيهما، ومفاد هذه الرسالة أن قضية الشريعة لن تتوقف في يوم من الأيام على شخص أو جماعة أو حتى دولة، فليس معنى تراجع البعض في مواقفهم أن قضية الشريعة ستنتهي وستختفي الأصوات المنادية بها.





- من الدلالات الإيجابية في هذه الجمعة أنها وضعت العلمانيين والليبراليين في حجمهم الطبيعي، فبالمقارنة بين حشدهم الضعيف في جمعتهم المسماة (مصر ليست عزبة) وما تم في الجمعة السابقة (جمعة تطبيق الشريعة) من حشد- برغم غياب أكبر حزبين إسلاميين- يتبين أن العلمانيين والليبراليين لا وجود لهم على أرض الواقع، وأنهم قلة لا تعبر عن توجهات الشعب المصري.





- وجهت هذه المليونية رسالة للجميع في داخل مصر وخارجها، ومفاد هذه الرسالة أن الضغط على الكيانات الإسلامية الكبرى في مصر أو التفاهم معها لن يثني الشعب المصري عن مسألة الشريعة وتطبيقها.





-  كانت هذه المليونية بمثابة الداعم القوي لمواقف الإسلاميين في الجمعية التأسيسية، وهو الأمر الذي أشار إليه الشيخ شعبان درويش عضو الجمعية التأسيسية والقيادي بالدعوة السلفية، حيث أكد أن مليونية تطبيق الشريعة قدمت دعماً هائلاً للتيار الإسلامي داخل الجمعية التأسيسية، حتى يكملوا مشوارهم بثقة، ورأي درويش أن مليونية اليوم تأخرت عدة أشهر؛ لأن العلمانيين لم تهدأ حملتهم في الإعلام وفى الشارع طوال الشهور الماضية لتفجير التأسيسية وتعطيل الدستور، موجها الشكر لكل من الجماعة الإسلامية وحزب الأصالة وشباب حازمون والجبهة السلفية.





- ومن المكاسب المهمة الناتجة عن جمعة الشريعة الثانية تكوين "ائتلاف حماية الشريعة"، حيث أعلنت المنصة الرئيسية للقوى الإسلامية في ميدان التحرير عن تشكيل ما يُعرف بـ "ائتلاف حماية الشريعة"، وهي فكرة سديدة من شأنها أن تجمع الجهود وتوحد القوى في الصراع الدائر حول الشريعة وهوية مصر، حيث أعلن الشيخ عاصم عبد الماجد، القيادي بالجماعة الإسلامية، عن تأسيس ائتلاف حماية الشريعة الإسلامية، وقال "عبد الماجد" من المنصة الرئيسية من ميدان التحرير: إن هذا الائتلاف سيخوض به الانتخابات البرلمانية القادمة، وسيتم تأسيس قنوات فضائية باسمه، مضيفاً أن جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية سيشاركوننا في فعالياتنا.


المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث


إرسال تعليق Blogger

 
Top