الطريق إلى "تيزي نوشك".. ليست مجرد رحلة | موقع بصائر GuidePedia

0






للتضامن والتكافل الاجتماعي صور عديدة، وتجليات شتى، لكن يبقى أعظمها أجراً، وأبلغها تأثيراً هو ما وجه إليه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، في قوله: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا..." [حسنه الألباني في صحيح الجامع:176]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "خياركم من أطعم الطعام" [السلسلة الصحيحة:44].





وانطلاقاً من هذه الأسس الشرعية والمفاهيم التربوية، شرعت -منذ ما يناهز السنة- مجموعة من شباب دور القرآن، من مختلف مناطق المغرب، في تنظيم حملات لتجميع الملابس والأغطية والمواد التموينية، من خلال حث المواطنين على التبرع بها، بقصد توزيعها على إخوة لنا مسهم الضر، وطالهم الحيف والعوز؛ وكان التركيز على ساكنة المناطق الجبلية المعزولة، حيث يعاني الناس ظروفاً صعبة زاد من صعوبتها وعورة التضاريس، وبرودة الجو الشديدة التي تتدنى في فصلي الخريف والشتاء إلى ما دون الصفر، وهو وضع يستلزم تضافر الجهود للتخفيف من وطأته، لاسيما وأنه قائم منذ عقود، ولا سبيل لتغييره في ظل هيمنة مفهوم "المغرب النافع، وغير النافع" التي ورثها البعض عن الاحتلال، إلا بتحرك مكونات المجتمع المدني؛ فلئن كان للجهات الرسمية حساباتها وخططها التي تغلب عليها البراغماتية، فإن من واجب المجتمع القيام بدوره التكافلي، خاصة مع وجود الباعث الشرعي المرغب في مسارعة المسلم إلى نفع أخيه المسلم، وتنفيس الكرب عنه، والسعي في قضاء حوائجه.





وقبل أقل من شهر، قامت ثلة من شباب دور القرآن بتنظيم حملة إلى منطقة "تيزي نوشك" بنواحي مراكش في أعالي جبال الأطلس الكبير، وقد كان للحملة كسابقاتها بحمد الله أثر طيب على الأسر المستفيدة؛ وإن كان الكبار يغالبون النفس بمحاولة كتمان سرورهم تعففاً ونأياً عن السؤال بإلحاف، فإن براءة الصغار وعفويتهم ترجمتها بسمة صادقة على وجوههم، وبرهنت لمنظمي مثل هذه الحملات المباركة أن إدخال السعادة على إخوانهم من أجلّ وأجمل ما ينبغي الحرص على تحقيقه.





قال الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله: "احرص على سعادة غيرك فإن اجتهادك في إسعاد غيرك إسعاد لنفسك، وقصر جهدك على إسعادك لنفسك إشقاء لها، وذلك لأنه إذا سعى كلٌّ في نفع غيره توفر النفع للجميع، وإذا سعى كل لمجرد نفع نفسه أضر بغيره فتوفر الضرر للجميع" [جوامع الآداب في أخلاق الأنجاب؛ ص:16]، وإلى هذا يشير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الناس أنفعهم للناس" [صحيح الجامع:3289].





يبقى في الختام أن نؤكد على ضرورة استمرار مثل هذه الأنشطة، فـ"إن أحب العمل إلى الله: أدومه وإن قل" [صحيح أبي داود:1368]؛ ونسأل الله سبحانه أن يوفق ويسدد ويعين القائمين على هذا العمل المبارك، وأن يخلف على من أسهم بقليل أو كثير، وأن يتقبله خالصاً لوجهه الكريم.





{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سورة سبأ، الآية:39].










إرسال تعليق Blogger

 
Top