«قِبلة» الإخلال بالحياء العام | موقع بصائر GuidePedia

0







في الوقت الذي نرى
ونسمع عن جمعية حقوقية تتحرك لإيداع شكاية لدى النيابة العامة بالناظور، بحق ثلاثة
قاصرين أخَلُّوا بالحياء العام من خلال قُبلة، في نفس الوقت ما يزال آلاف السياح
الأجانب المهووسين بالجنس يتقاطرون على مختلف مدن المملكة باعتبارها تحولت في ظل «سياسة
الانفتاح» إلى قِبلة للباحثين عن «خدمات» لا تُعَد في القانون الجنائي المغربي
مخلة بالحياء العام فحسب، بل ومفسدة للمجتمع، ومزعزعة لعقيدة المسلمين؛ وبالتالي
يُفترض أن يعاقب عليها القانون، وأن يتصدى حُراس القانون لكل من يسعى إليها أو
يدعو إلى اقترافها
.


فالمغرب الذي كان حتى عهد
قريب مَضرب الأمثال في شهامة رجاله وعفة نسائه وطهارة مجتمعه، بات اليوم في ظل
سياسات التغريب والعلمنة منافساً شرساً لدولة مثل تايلند التي يحترف شطر نسائها
البغاء، ويَعتبر نظامُها دُور الدعارة مؤسسة تسهم في بناء الدولة؛ ولا شك أن الشعوب
التي تحترم نفسها لا تقبل ببيع كرامة نسائها، ولا بـ«إنعاش» اقتصادها عن طريق
إفساد الأجيال بتدمير الأخلاق وقتل الإيمان، "وأي إيمان، وأي خير، فيمن يرى
محارم الله تنتهك، وحدوده تُضاع، ودينه يُترك، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
يُرْغَب عنها؛ وهو بارد القلب، ساكت اللسان.. ؟ فإن القلب كلما كانت حياته أتم،
كان غضبه لله ورسوله أقوى، وانتصاره للدين أكمل" (ابن القيم، إعلام
الموقعين:2/221
).


هذا في من يرى المنكر ولا
يتمعر وجهه ولا يغضب حمية لله ورسوله، فكيف بمن يباشر تلك الموبقات بأن يقتحم
حماها، فيضيع حدود الله، ويصد عن سبيله، ويحارب قيم المجتمع المسلم، ويهدد أمنه
الروحي من خلال إشاعة مظاهر الخلاعة والمجون، وترسيخ البذاءة وشرعنة الرذيلة،
والتطبيع مع كل صور التمرد على دين حَفِظ للأمة تماسكها، خدمة لمن يتربص بالمسلمين
الدوائر
.


ولئن كان التسيب الأخلاقي
والفوضى الجنسية علامة على التحرر من الكبت عند الغرب وأتباعه في البلاد
الإسلامية، فإنه كان وسيظل وصمة عار ورمز انحطاط في ثقافة المسلمين، بل إن العرب
قبل الإسلام بلغ بهم الحرص على الشرف والذود عن العرض حد وأد مواليدهم من الإناث،
خشية أن يجلبن العار بأن يَصِرْنَ عند البلوغ «أمهات عازبات» بـ«أبناء طبيعيين»
بتعبير بيادق واشنطن وباريس، مع تسليمنا بما أكد عليه الشرع من تجريم وأد البنات،
لكن لِنُبَين لدعاة الإباحية فضل جيل أبي لهب على جيلهم المدافع عن منظومة «حقوقه
الكونية»، والتي يسعى إلى استبدالها بشرع من بُعِث ليتمم مكارم الأخلاق، عليه
الصلاة والسلام
.


إن مشكلة المغاربة اليوم
هي مع حفنة من بائعي الأوهام ومروجي السلوكات المنحرفة، الذين يهدفون إلى مسخ هوية
الأمة والنأي بها عن ثقافتها تحت مسمى التحديث والعصرنة، وإفساد المجتمع وهدم كل
أواصر الوحدة والتماسك بدعوى إطلاق الحريات الفردية، والدفاع عن حق الاختلاف في
الرأي
.


مشكلة المغاربة مع
الطابور الخامس الذي خلفه الاحتلال بعد رحيله مرغماً بفعل ضراوة مقاومة أجدادنا
الذين كان يسوء الواحد منهم أن يرى حليلة جاره تخرج متهتكة سافرة، بله حليلته؛
واليوم يريد هذا الطابور أن يجر البلاد والعباد إلى مستنقع آسن تختلط فيه الأنساب،
وتُهدر فيه كل فضيلة، إرضاء لمحتل الأمس الذي يغدق عملته الصعبة على وكلائه في
بلادنا، ويغريهم بحطام هو غاية سعيهم ومنتهى أملهم، ألا خاب السعي وبئس الأمل
.


ولله در القائل:


هذا الزمـان زمـان الجهـل والفتن ::: فانظر إلى ما فشا في
الناس من نتن


يُقضى على المرء في أيام محنتـه ::: حتـى يـرى حَسنـاً ما ليس
بالحسـن


إن أعظم خطر يتهدد أي
مجتمع هو انهيار منظومته الأخلاقية، وضياع وميوعة هويته الثقافية، لأن هذه الأمور
هي بمثابة الأسس التي تقوم عليها الحضارات بكل جوانبها الفكرية والمادية؛ والمتأمل
في تاريخ الأمم يدرك بجلاء أن هلاك الأرواح وخراب العمران في كل أمة سبقه فساد
العقائد وانهيار القيم
.


فأين المؤسسة الدينية
الرسمية من هذه الحرب القذرة التي تشنها القنوات والإذاعات الممولة من جيوب الشعب
على أخلاق المواطنين الذين ما فتئوا يصرخون ويستغيثون مَن بيدهم سلطان الزجر
ليضربوا بيد من حديد على أيدي السفهاء، حتى لا يؤدي خرقهم إلى إغراق سفينة الوطن
بصالحيه وطالحيه؟


أين من يزعمون السير على
خطى إمام دار الهجرة مِن كل القاذورات والخبائث التي تنشرها جرائد ومجلات وطنية
تحت ستار أخبار المجتمع؟


أين أصحاب «التصوف السني»
الذين يذكرون المغاربة صباح مساء بمناقب الأولياء والأوتاد والأقطاب، ويتوعدون
الأئمة والخطباء أن «يشذوا» عن الخطة المعتمدة؟


أم أن كل هذا الانحراف
والفساد يدخل في إطار «طريقة الجنيد السالك» التي يقال للمغاربة أنها مصادق عليها،
وأنها صمام أمان ضد الغلو والتطرف المُهرَّب من جزر الوقواق؟


قُبلة الإخلال بالحياء
العام ليست إذن إلا الشجرة التي تخفي غابة اسمها المغرب، البلد الذي حولته سياسات
بني علمان إلى قِبلة للإخلال بالحياء العام
.




بقلم المشرف/ مصطفى الونسافي





(انقر فوق الصورة لرؤيتها بحجم أكبر)












إرسال تعليق Blogger

 
Top