هذه قصة عيد الحب..!! | موقع بصائر GuidePedia

0






إن الله سبحانه اختار لنا الإسلام دينا كما قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} (آل عمران:19)، ولن يقبل الله من أحد ديناً سواه كما قال سبحانه: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} (آل عمران:85)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" (رواه مسلم:153).





وجميع الأديان الموجودة في هذا العصر سوى دين الإسلام أديان باطلة، لا تقرب إلى الله تعالى، بل إنها لا تزيد العبد إلا بعدا منه سبحانه بحسب ما فيها من ضلال..





وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن فئاماً من أمته سيتبعون أعداء الله تعالى في بعض شعائرهم وعاداتهم، وذلك في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم، قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى، قال: فمن؟!" (أخرجه البخاري:732، ومسلم:2669).





وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلاً بمثل حذو النعل بالنعل حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله" (أخرجه الحاكم:1/129).





وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وانتشر في الأزمنة الأخيرة في كثير من البلاد الإسلامية إذ اتَّبع كثير من المسلمين أعداء الله تعالى في كثير من عاداتهم وسلوكياتهم، وقلدوهم في بعض شعائرهم، واحتفلوا بأعيادهم؛ وكان ذلك نتيجة للانفتاح المادي، والتطور العمراني الذي فتح الله به على البشرية، وكان قصب السبق فيه في الأزمنة المتأخرة للبلاد الغربية النصرانية العلمانية، مما كان سبباً في افتتان كثير من المسلمين بذلك، لا سيما مع ضعف الديانة في القلوب، وفشو الجهل بأحكام الشريعة بين الناس.





وزاد الأمر سوءً الانفتاح الإعلامي بين كافة الشعوب، حتى غدت شعائر الكفار وعاداتهم تنقل مزخرفة مبهرجة بالصوت والصورة الحية من بلادهم إلى بلاد المسلمين عبر الفضائيات والشبكة العالمية -الإنترنت- فاغتر بزخرفها كثير من المسلمين.





وفي السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة بين كثير من شباب المسلمين - ذكوراً وإناثا ً- لا تبشر بخير، تمثلت في تقليدهم للنصارى في الاحتفال بعيد الحب، مما كان داعياً لأولي العلم والدعوة أن يبينوا شريعة الله تعالى في ذلك، نصيحة لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، حتى يكون المسلم على بيِّنة من أمره ولئلا يقع فيما يخل بعقيدته التي أنعم الله بها عليه.





وهذا عرض مختصر لأصل هذا العيد ونشأته والمقصود منه، وما يجب على المسلم تجاهه:





قصة عيد الحب:


يعتبر عيد الحب من أعياد الرومان الوثنيين، إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان قبل ما يزيد على سبعة عشر قرناً؛ وهو تعبير في المفهوم الوثني الروماني عن الحب الإلهي.





ولهذا العيد الوثني أساطير استمرت عند الرومان، وعند ورثتهم من النصارى، ومن أشهر هذه الأساطير: أن الرومان كانوا يعتقدون أن "رومليوس" مؤسس مدينة روما أرضعته ذات يوم ذئبة فأمدته بالقوة ورجاحة الفكر.





فكان الرومان يحتفلون بهذه الحادثة في منتصف شهر فبراير من كل عام احتفالاً كبيراً، وكان من مراسيمه أن يذبح فيه كلب وعنزة، ويدهن شابان مفتولا العضلات جسميهما بدم الكلب والعنزة، ثم يغسلان الدم باللبن، وبعد ذلك يسير موكب عظيم يكون الشابان في مقدمته يطوفان الطرقات، ومع الشابين قطعتان من الجلد يلطخان بهما كل من صادفهما، وكان النساء الروميات يتعرضن لتلك اللطمات مرحبات، لاعتقادهن بأنها تمنع العقم وتشفيه.





علاقة "القديس فالنتين" بهذا العيد:


"القديس فالنتين" اسم التصق باثنين من قدامى ضحايا الكنيسة النصرانية قيل: إنهما اثنان، وقيل: بل هو واحد توفي في روما إثر تعذيب القائد القوطي "كلوديوس" له حوالي عام 296م. وبنيت كنيسة في روما في المكان الذي توفي فيه عام 350م تخليداً لذكراه.





ولما اعتنق الرومان النصرانية أبقوا على الاحتفال بعيد الحب السابق ذكره، لكن نقلوه من مفهومه الوثني "الحب الإلهي" إلى مفهوم آخر يعبر عنه بشهداء الحب، ممثلاً في "القديس فالنتين" الداعية إلى الحب والسلام الذي "استشهد في سبيل ذلك" حسب زعمهم، وسمي أيضا "عيد العشاق" واعتبر "القديس فالنتين" شفيع العشاق وراعيهم.





وكان من اعتقاداتهم الباطلة في هذا العيد أن تكتب أسماء الفتيات اللاتي في سن الزواج في لفافات صغيرة من الورق، وتوضع في طبق على منضدة، ويدعى الشبان الذين يرغبون في الزواج ليخرج كل منهم ورقة، فيضع نفسه في خدمة صاحبة الاسم المكتوب لمدة عام يختبر كل منهما خلق الآخر، ثم يتزوجان، أو يعيدان الكرة في العام التالي يوم العيد أيضاً.





وقد ثار رجال الدين النصراني على هذا التقليد، واعتبروه مفسداً لأخلاق الشباب والشابات فتم إبطاله في إيطاليا التي كان مشهوراً فيها، لأنها مدينة الرومان المقدسة ثم صارت معقلاً من معاقل النصارى.





ولا يعلم على وجه التحديد متى تم إحياؤه من جديد، فالروايات النصرانية في ذلك مختلفة، لكن تذكر بعض المصادر أن الإنجليز كانوا يحتفلون به منذ القرن الخامس عشر الميلادي.





وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين انتشرت في بعض البلاد الغربية محلات تبيع كتباً صغيرة تسمى "كتاب الفالنتين" فيها بعض الأشعار الغرامية، ليختار منها من أراد أن يرسل إلى محبوبته بطاقة تهنئة، وفيها مقترحات حول كيفية كتابة الرسائل الغرامية والعاطفية.





بالنظر إلى ما سبق عرضه من أساطير حول هذا العيد الوثني، يتضح ما يلي:


أولاً: أن أصله عقيدة وثنية عند الرومان، يعبر عنها بالحب الإلهي للوثن الذي عبدوه من دون الله تعالى.





فمن احتفل به فهو يحتفل بمناسبة تعظم فيها الأوثان وتعبد من دون من يستحق العبادة وهو الخالق سبحانه وتعالى، الذي حذرنا من الشرك ومن الطرق المفضية إليه فقال تعالى مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسـلم: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} (الزمر:65-66).





وقضى سبحانه بأن من مات على الشرك الأكبر لا يجد ريح الجنة، بل هو مخلد في النار أبداً كما قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدا} (النساء:116).





وقال الله تعالى على لسان عيسى عليه السلام أنه قال لقومه: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} (المائدة:72).





فالواجب الحذر من الشرك ومما يؤدي إليه.





ثانيـاً: أن نشأة هذا العيد عند الرومان مرتبطة بأساطير وخرافات لا يقبلها العقل السوي فضلا عن عقل مسلم يؤمن بالله تعالى وبرسله عليهم الصلاة والسلام.





ثالثا: أن الأعياد في الإسلام عبادات تقرب إلى الله تعالى، وهي من الشعائر الدينية العظيمة، وليس في الإسلام ما يطلق عليه عيد إلا عيد الجمعة وعيد الفطر وعيد الأضحى.





والعبادات توقيفية، فليس لأحد من الناس أن يضع عيداً لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.





وبناءً عليه فإن:


الاحتفال بعيد الحب أو بغيره من الأعياد المحدثة يعتبر ابتداعاً في الدين وزيادة في الشريعة، واستدراكاً على الشارع سبحانه وتعالى.





وعموم التشبه بالكفار - وثنيين كانوا أم كتابيين - محرم، سواء كان التشبه بهم في عقائدهم وعباداتهم - وهو أشد خطراً - أو فيما اختصوا به من عاداتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم كما قرر ذلك علماء الإسلام استمداداً من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم:





1- فمن القرآن قول الله تعالى: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم} (آل عمران:105).





وقال تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} (الحديد:16).





فالله تعالى حذر المؤمنين من سلوك مسلك أهل الكتاب - اليهود والنصارى - الذين غيروا دينهم، وحرفوا كتبهم، وابتدعوا ما لم يشرع لهم، وتركوا ما أمرهم الله به.





2- ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" (أخرجه أحمد:3/50، وأبو داود:5021).





قال شيخ الإسلام: "هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}" (الاقتضاء:1/314).





وقال الصنعاني: "فإذا تشبه بالكافر في زي واعتقد أن يكون بذلك مثله كفر، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب" (سبل السلام: 8/248).





3- وأما الإجماع فقد نقل ابن تيمية أنه منعقد على حرمة التشبه بالكفار في أعيادهم في وقت الصحابة رضي الله عنهم؛ كما نقل ابن القيم اتفاق أهل العلم على ذلك (أنظر الاقتضاء:1/454، وأحكام أهل الذمة:3/1245).





موقف المسلم من عيد الحب:


أولاً: عدم الاحتفال به، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم، أو الحضور معهم لما سبق عرضه من الأدلة الدالة على تحريم التشبه بالكفار:





قال الحافظ الذهبي رحمه الله: "فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشاركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم" (تشبه الخسيس بأهل الخميس/ رسالة منشورة في مجلة الحكمة:4/193).





ثانياً: عدم إعانة الكفار على احتفالهم به بإهداء أو طبع أدوات العيد وشعاراته أو إعارة، لأنه شعيرة من شعائر الكفر، فإعانتهم وإقرارهم عليه إعانة على ظهور الكفر وعلوه وإقرار به؛ والمسلم يمنعه دينه من إقرار الكفر والإعانة على ظهوره وعلوه.





ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة. وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام" (مجموعة الفتاوى:25/329).





وقال ابن التركماني: "فيأثم المسلم بمجالسته لهم وبإعانته لهم بذبح وطبخ وإعارة دابة يركبونها لمواسمهم وأعيادهم" (اللمع في الحوادث والبدع:2/519-520).





ثالثاً: عدم إعانة من احتفل به من المسلمين، بل الواجب الإنكار عليهم، لأن احتفال المسلمين بأعياد الكفار منكر يجب إنكاره: قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وكما لا نتشبه بهم في الأعياد، فلا يعان المسلم بهم في ذلك، بل ينهى عن ذلك؛ فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته، خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك، لأن في ذلك إعانة على المنكر" (الاقتضاء:2/519-520).





وبناءً على ما قرره شيخ الإسلام فإنه: لا يجوز للتجار المسلمين أن يتاجروا بهدايا عيد الحب من لباس معين أو ورود حمراء أو بطاقات تهنئة صممت لأجله أو غير ذلك، لأن المتاجرة بها إعانة على المنكر الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها، لأن في قبولها إقرار لهذا العيد.





رابعاً: عدم تبادل التهاني بعيد الحب، لأنه ليس عيدًا للمسلمين. وإذا هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة:





قال ابن القيم رحمه الله: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه" (أحكام أهل الذمة:1/441-442).





خامساً: توضيح حقيقة هذا العيد وأمثاله من أعياد الكفار لمن اغتر بها من المسلمين، وبيان ضرورة تميز المسلم بدينه والمحافظة على عقيدته مما يخل بها، وتذكيره بمخاطر التشبه بالكفار في شعائرهم الدينية كالأعياد أو بعاداتهم وسلوكياتهم، نصحا للأمة وأداءً لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي بإقامته صلاح العباد والبلاد، وحلول الخيرات، وارتفاع العقوبات كما قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} (هود:117).


إرسال تعليق Blogger

 
Top