تسريبات عن الحرب العالمية الثالثة | موقع بصائر GuidePedia

0

مصطفى الونسافي - مقال رأي

   لم أصب في توقعاتي بشأن احتمال اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، على أثر اغتيال الأخيرة لحاكم العراق #قاسم_سليماني، إذ يبدو أن العرض المسرحي مستمر وباقٍ ويتمدد.
   من يتابع مقالاتي وتدويناتي لسنوات عما يسمى بالصراع بين إيران وأمريكا يعلم أنني من أنصار "نظرية المسرحية" إن صح الوصف؛ وما جعلني أنحو هذه المرة في اتجاه مناقض، وهو نشوب صدام حقيقي بين الطرفين، هو هذه الضربة غير العادية ولا الصغيرة ولا الهينة التي تلقتها طهران، لكن توقعي خاب، وخاب معه أملي في مشاهدة عرضِ ألعاب نارية كانت لتحرق بعض الأوغاد من الجانبين.

   وإن عدم دخول واشنطن في حرب مع طهران رغم وجود مجنون على رأس السلطة الأمريكية لهو أقوى دليل على كذبة العداء بين البلدين، فالغطرسة الأمريكية تأبى على حكامها الانحناء لأيٍّ كان، فلن يعجزهم أن يحشدوا تحالفا مثيلا للذي أحرقوا به العراق، ولن تعجزهم الحيل السياسية وهم المهيمنون على قرار النظام الدولي فهُمْ رأسه، ولن يعجزوا عن إلحاق أذى بالغ بالإيرانيين نظرا للتفاوت الرهيب بين القوتين عسكريا؛ ودعك من ورقة "تدمير إسرائيل" التي تهدد بها طهران، فالأخيرة قدمت أكبر هدية لتل أبيب بتثبيت عرش كلبها المقاوم الممانع في دمشق، الذي سلم سوريا كلها، بعد أن قدم والده الجولان من قبل؛ هي حاجة ملحة من كل طرف إلى الآخر، ومصالح كبرى تبقيهما معا في وفاق، ولنا معاشر العرب أن نكتفي بالمتابعة وتشجيع هذا الطرف أو ذاك، وفي النهاية لنا الموت، والموز لأمريكا.

   أما عن تفاصيل الضربة الإيرانية فإن مصدرا عراقيا مسؤولا كان قد أكد أن طهران أبلغت بغداد بعزمها على إطلاق باقة من الصواريخ البالستية على قاعدة "عين الأسد" الأمريكية على أرض العراق؛ ولن تحتاج أيها القارئ الكريم إلى ذكاء خارق لتدرك يقينا أن كراكيز المنطقة الخضراء أوصلوا حينها ومن فورهم المعلومة طازجة إلى السيد الأمريكي، هذا على افتراض أن طهران نفسها لم تبلغهم مباشرة، في إطار التنسيق عالي المستوى بينهما، الذي يحرصان معا على استمراره وانتظامه حتى لا تخرج الأمور في المستعمرتين أفغانستان والعراق عن سيطرتهما.

   الضربة الإيرانية لم تخلف أي قتيل أمريكي، والسبب -إن استبعدنا المسرحية/إبلاغ الأمريكيين مسبقا- هو أن الصواريخ البالستية حسب الخبراء ليست بتلك الدقة القادرة على إيقاع خسائر مؤكدة ودقيقة في كل مرة، أي أن هامش الخطأ مرتفع مقارنة بأسلحة أخرى، فالصواريخ الموجهة من طائرات مسيرة -مثلا- كانت لتوقع خسائر مباشرة حتما.

   الضربة إذًا مجرد حركة جديدة تنضاف إلى تلك الحركات التمثيلية الكثيرة لحفظ ماء الوجه، والظهور بصورة النظام المقاوم الممانع، أو بتعبير المغرضين، وأنا منهم: المقاول المماتع.

   وها قد ذهب سليماني إلى حيث ذهب من قبله الخميني ومغنية والقنطار، ولم تثأر طهران لشهدائها، لكن شعارات الثأر من أحفاد بني أمية ومن الشيطان الأكبر لا تتوقف، ولن تتوقف كما المتاجرة بدماء الحسين، غير أن التي بحق الطائفة الأولى يتم إنفاذها كل مرة في الأزمنة والأمكنة المناسبة، أما الأخرى فجزء أساسي من سكريبت المسرحية، يتكرر في مشاهد مختلفة، ولا مانع من ترديده مرتجلا في غير محله، إذ به يثبت الملالي عرش فريتهم.

إرسال تعليق Blogger

 
Top