هل يجوز قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة؟ | موقع بصائر GuidePedia

0
قال العلاَّّمة الشَّيخ محمَّد تقيُّ الدِّين الهلالي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الحسام الماحق": "إعلم أن الإجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((...وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتْلونَ كِتَابَ الله وَيَتَدَارَسُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِم السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُم المَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُم الله فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُه)) رواه مسلم من حديث أبي هريرة.



لكن الإجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وعمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم والباقون يسمعون، ومن عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، وتكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، ويتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة.



هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ماعدا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة ويسمى (عبد الله الهبطي) وقفا محْدَثا ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة، وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة:



الأولى: أنها محدثة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((...وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَة)).



الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر, بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن, وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: ((كُلُّكُمْ يُناجِي رَبَّهُ فَلاَ يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالقُرْآنِ، وَلا يُؤْذِ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)).



الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس واستمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن ويترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، وذلك محرم بلا ريب.



الرابعة: أنه يتنفس في المد المتصل مثل: جاء، وشاء، وأنبياء، وآمنوا، وما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين، ولا شك في أن ذلك محرم وخارج عن آداب القراءة، وقد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك، وهو الجمع بين الوقف والوصل، كتسكين باء {لاَ رَيْبَ} و وصْلِها بقوله عز وجل: {فِيهِ هُدًى} ، قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه:



الجمع بين الوصل والوقف حرام    نص عليه غير عالم همام


الخامسة: أن في ذلك تشبها بأهل الكتاب في صلواتهم في كنائسهم.

 

فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك، والطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة، وقد زجر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله في سورة محمد: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ونحن نشاهد معظم من يقرأ تلك القراءة لا يتدبر القرآن و لا ينتفع به، وتالله لقد شاهدت قراء القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته ولا برؤية القبور ولا بما يقرؤونه من القرآن، فقبح الله قوما هذا حالهم {فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}".

إرسال تعليق Blogger

 
Top